الدكتور عاطف أبو سيف هو كاتب فلسطيني، حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية والاجتماعية، ويعمل حالياً أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ويرأس تحرير مجلة «سياسات» الصادرة عن معهد السياسات العامة برام الله. صدرت له أربع روايات: «ظلال لذاكرة» و«حكاية ليلة سمر» و«كرة الثلج» و«حصرم الجنة» ومجموعات قصصية ومسرحيات ومجموعة من الكتب البحثية في العلوم السياسية، ويكتب مقالاً أسبوعياً في جريدة الأيام الفلسطينية.
رواية «حياة معلقة» تنقل تفاصيل الحياة في مدينة غزة الفلسطينية بكل ما فيها من آمال وخيبات في 407 صفحة قسمها عاطف أبو سيف إلى أحد عشر فصلاً: موت مفاجئ والبوستر والجنازة ورائحة الياسمين الفواحة وذكريات ترانزيت وعش الأحلام وكل هذا السفر! وزمن التلة وعودة الميت والحياة في الطريق. نشرت الرواية دار الأهلية للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى سنة 2014 في عمان، الأردن، وترشحت الرواية لجائزة البوكر لسنة 2014.
يستهل عاطف الرواية بالحديث عن صاحب المطبعة، نعيم، الذي سرعان ما يفارق الرواية في نهاية الفصل الأول شهيداً وهو يحاول فتح مطبعته في صباح أحد الأيام. ثم يغوص الكاتب في قصص أخرى كثيرة مثل قصة العم يوسف والحاج خليل الذي يتوفى هو الآخر في الفصل العاشر للرواية.
يحاول عاطف عرض عدة قضايا تمر على الفلسطيني كل يوم ألا وهي هل يعيش ليموت أم يعيش ليستمر في الحياة، حيث يستعرض هذا الجدل بين سليم ابن نعيم ونصر ابن أخته حين يرفض سليم أن يعطي نصراً صورة لوالده حتى يفرقها في جنازته كما جرت العادة فكأنها دلالة على احتفاله بالموت بينما يرى نصر أن نشر بوستر لخاله الشهيد هو مجاراة للعادة المتبعة بعد موت كل شهيد إذ يستعرض عاطف التوتر بين الاثنين في الفصل الثالث من الرواية.
لغة الكتاب سردية صحافية أقرب للغة الأكاديمية الخشبية منها للأسلوب الأدبي الساحر في حين أن الكاتب يكتفي بسرد الرواية من منظور واحد بصوت الراوي مما يجعل القارئ يفقد ذلك الشعور بالقرب من الشخصيات والأحداث، فلو أنه رواها مثلاً على لسان سليم ابن نعيم أو ربما نصر لمنح ذلك الرواية طعماً آخر وربما حولها لرواية تثير الاهتمام والرغبة في القراءة.
المواضيع التي أثارها عاطف في «حياة معلقة» هي مواضيع مهمة جداً بالنسبة لمستقبل الشعب الفلسطيني بصورة خاصة وللشعوب العربية بصورة عامة وأهمها فلسفة الموت كغاية وهدف للأحياء فكما قال محمود درويش: “ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا” ولكن الطريقة التي طرح بها هذه المواضيع وعدم امتزاجها بالرواية ككل جعلت القارئ يتصارع بين فقرة وأخرى فكأن الكاتب كانت لديه قائمة بالمواضيع التي يرغب في التطرق لها وذلك ما فعل دون أن يسمح لروح الكتابة الساحرة بالدخول بينه وبين كلماته لتمزج هذه وتلك وتصنع ما يسمى بالعمل الأدبي.
كما يتخلل الرواية تكرار كثير يخرج القارئ من جو القصة وسير حبكتها فمثلاً في الفصل الثاني للرواية وفي صفحة واحدة فقط كرر عاطف عبارة “أخرج النرجيلة” مرات كثيرة، وهذا التكرار لم يكن له أي علاقة بحبكة القصة أو أي أهمية لأحداثها أو شخصياتها (ص. 66) بينما لم يقتصر التكرار على هذا المقطع وإنما انتشر في أجزاء كثيرة من القصة مما جعل الاسترسال في قراءتها تحدياً في ذاته.
كنت أتمنى لو أنه في الفصل الأول وصف نعيماً بصورة شاعرية وأدبية أكثر فوصف تجاعيد وجهه وكيف يخلد للنوم كل يوم على ذكرى أبنائه الغائبين في المهجر أو في السجن وربما تخطر بباله رائحة زوجته فتهبط دمعة على خده أو ربما يصف صباحاته برفقة ابنته وكيف تفوح رائحة القهوة وهي تغلي ويسترسل في وصف القهوة كما وصف محمود درويش القهوة في “ذاكرة للنسيان” وإذ بالجميع ينشر كلماته في وصفها.
إن الكتابة هي صنع للحظة كبديل عن روتين الحياة أو بؤسها فنهرب كقراء من لحظة الواقع للحظة الأدب، تلك اللحظة التي تتيح لك المجال لتكون في أي مكان وأن تكون أي شخص تريد. إن الحياة لحظات تمر على عجل وكذلك هو الأدب الجميل. فالأهمية الكبرى في الأدب ليست في القضايا التي يحملها فهو ليس درساً سياسياً وليس موجزاً للأنباء وإنما في اللحظات السحرية التي يمكن أن يوصلها للقارئ فيخرج من قفص الحياة لعالم الرواية الحر.
للأسف لم تأخذني رواية «حياة معلقة» د. عاطف أبو سيف لهذا العالم ولم تكن القراءة ممتعة البتة بل كانت قراءة مؤلمة بكل ما في هذه الكلمة من معاني. ضعت آلاف المرات في دهاليز الرواية وبين فقراتها وأحداثها وشخصياتها ولم أتمكن من العودة. إنها مشروع لرواية “قد تكون” مع العديد من التعديلات والتغيرات.
والسؤال الوحيد الذي بقي عالقاً في ذهني، كيف ترشحت رواية كهذه لجائزة البوكر العربية؟ هل جنسية الكاتب تلعب دوراً في ترشح عمله؟ أم أن النسخة الإنجليزية لهذه الرواية هي التي ترشحت؟ بكل صدق لست أعلم أي الظنون أصدق وخوفي أن تكون هذه الرواية من أفضل ما أنتجه كتابنا العرب، فحينها سلام على الأدب العربي الحديث.
أحدث التعليقات