رواية «السبيليات» لإسماعيل فهد إسماعيل

إسماعيل فهد إسماعيل هو كاتب روائي كويتي. حصل على بكالوريوس الأدب والنقد من المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، وعمل في مجال التدريس وإدارة الوسائل التعليمية، كما أدار شركة للإنتاج الفني. يعتبر إسماعيل المؤسس لفن الرواية في الكويت، إذ أصدر سبعاً وعشرين رواية، أولها رواية «كانت السماء زرقاء» التي نشرتها دار المدى في عام 1970 ببغداد، ووصلت روايته «في حضرة العنقاء والخل الوفيّ» التي نشرتها دار العربية للعلوم ناشرون في عام 2012 ببيروت إلى القائمة الطويلة بجائزة البوكر العربية لعام 2014، ووصلت روايته «السبيليات» التي نشرتها دار نوفا بلس للنشر والتوزيع في عام 2015 بالكويت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لعام 2017. (إسماعيل فهد إسماعيل)

كتب إسماعيل رواية «السبيليات» وكأنه يؤلّف لحناً موسيقياً على وقع الحدث. وعلى الرغم من أن أحداث الرواية تتخذ إطاراً تاريخياً بعيداً – بعض الشيء – عن أحداث الساعة، إلا أنها ترتبط بواقع العراق والمنطقة العربية ككل بصورٍ كثيرة ومتعددة، وتطرح أكثر الأسئلة وجعاً، وهو سؤال الرحيل.

الكثير من روايات البوكر العربي طرحت السؤال ذاته ومنها رواية ربعي مدهون «كونشرتو الهولوكوست والنكبة»* التي فازت بجائزة البوكر العربية لعام 2016، وعلى الرغم من اختلاف الطرح في الروايتين، إلا أن القضية ورائهما واحدة. ولعل هذا التشابه يعود لانتماء الكاتبين إلى جيل واحد من المثقفين والكتّاب العرب. فقد ولد كلاهما في منتصف القرن العشرين (ولد المدهون في 1945 وولد إسماعيل في 1940) وشهدا العديد من التقلبات السياسة والتغيرات التي عصفت بالمنطقة من حروب وصراعات ومواجهات جعلتهما يدركان قيمة الأرض وأن وطناً لا نستطيع البقاء فيه هو وطن لا نستحقه!

بالطبع لم تكن الظروف سهلة بالنسبة لأم قاسم، بطلة رواية «السبيليات»، فخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) طلبت القيادة العراقية من القانطين في القرى القريبة من ساحات المعارك الرحيل إلى مناطق أكثر أمناً، وكانت قريتها “السبيليات” والواقعة في جنوب مدينة البصرة العراقية إحدى هذه القرى. وبعد الرحيل عن الديار برفقة زوجها وأولادها وموت زوجها في الطريق، لم تستطع أم القاسم الاستمرار في الرحيل، وقررت “أن تعود لبيتها البعيد بجهدها الذاتي، لهم [أولادها] حياتهم و[هي] مسؤولة عن حياتـ[ـها]” (ص. 13)

وتعود للقرية المهجورة لتكتشف أن “لا قيمة للأشياء بغياب أصحابها” (ص.49) وأن عليها إقناع الجيش العراقي وخاصة الملازم عبد الكريم بأهمية بقائها في هذه القرية على الرغم من المخاطر التي تهدد حياتها، فتقول له محاولة إقناعه: ” لابد من وجود شخص يشغل هذا المكان، المنازل المهجورة معرضة للخراب” (ص. 64)، فإذا بها تتصدى “للحرب بطريقتها الخاصة: تخلص البيوت من وحشتها.. تثلم السدود المصنّعة عسكرياً فتستعيد الأرض زهوها الأخضر وفراشات أزهارها فهناك ما يستحق البقاء على الأرض حين تكون الأرض هي ذلك الفردوس الرحيم” (يوسف، 2016) وكأن لسان حال الرواية يشير إلى الطرق الكثيرة للتصدي للحروب، تلك الطرق البعيدة كل البعد عن الانتقام والقتل والتفجير، طرق تعنى بتعمير الأرض التي آلمها الحرب وشقق أرضها، وهذه الطرق أكثر أهمية بكثير لأنها ما تحتاجه الدول بعد انقضاء الحروب، ولم تكن مصادفة أن يكون الشخص الذي واجه الحرب والدمار بالماء والخضار امرأة، فهي في حد ذاتها رمز للولادة والاستمرار في هذه الحياة.

رواية جميلة ذات معانٍ كبيرة، أنصح بقراءتها.

 

المراجع:

إسماعيل إبراهيم إسماعيل، موقع الجائزة العالمية للرواية العربية

سعدي يوسف (2016/06/04) “إسماعيل فهد إسماعيل في السبيليات.. ما لم يرد ذكره من سيرة أم قاسم،” صحيفة الزمان

 

 

أحدث التعليقات